فصل: بم تعرف القبلة؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.بم تعرف القبلة؟

كل بلد له أدلة تختص به يعرف بها القبلة.
ومن ذلك المحاريب التي نصبها المسلمون في المساجد، وكذلك بيت الابرة {البوصلة}.

.حكم من خفيت عليه:

من خفيت عليه أدلة القبلة، لغيم أو ظلمة مثلا وجب عليه أن يسأل من يدله عليها، فإن لم يجد من يسأله اجتهد وصلى إلى الجهة التي إليها اجتهاده، وصلاته صحيحة ولا اعادة عليه، حتى ولو تبين له خطؤة بعد الفراغ من الصلاة، فإن تبين له الخطأ أثناء الصلاة استدار إلى القبلة ولا يقطع صلاته.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الله قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها.
وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة، متفق عليه.
ثم إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة لزمه إعادة الاجتهاد إذا أراد صلاة أخرى، فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني، ولا يعيد ما صلاة بالأول.

.متى يسقط الاستقبال:

استقبال القبلة فريضة، لا يسقط إلا في الأحوال الآتية:

.1- صلاة النفل للراكب:

يجوز للراكب أن يتنفل على راحلته، يومئ بالركوع والسجود، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، وقبلته حيث اتجهت دابته.
فعن عامر بن ربيعة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به رواه البخاري ومسلم، وزاد البخاري: يومئ، والترمذي: ولم يكن يصنعه في المكتوبة.
وعند أحمد ومسلم والترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، وفيه نزلت: {فأينما تولوا فثم وجه الله}.
وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يصلون في رحالهم ودوابهم حيثما توجهت، وقال ابن حزم: وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين، عموما في الحضر والسفر.

.2- صلاة المكره والمريض والخائف:

الخائف والمكره والمريض يجوز لهم الصلاة لغير القبلة إذا عجزوا عن استقبالها، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
وفي قول الله تعالى: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا} قال ابن عمر رضي الله عنهما: مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها، رواه البخاري.

.كيفية الصلاة:

جاء الأحاديث عن سول الله صلى الله عليه وسلم مبينة كيفية الصلاة وصفتها.
ونحن نكتفي هنا بإيراد حديثين: الأول من فعله صلى الله عليه وسلم، والثاني من قوله:
1- عن عبد الله بن غنم: أن أبا مالك الاشعري جمع قومه فقال: يا معشر الاشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلمكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا بالمدينة فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم، فتوضأ وأراهم كيف يتوضأ.
فأحصى الوضوء إلى أماكنه حتى أفاء الفئ وانكسر الظل قام فأذن. فصف الرجال في أدنى الصف، وصف الولدان خلفهم. وصف النساء خلف الولدان، ثم أقام الصلاة، فتقدم فرفع يديه فكبر، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة يسرها. ثم كبر فركع فقال: سبحان الله وبحمده ثلاث مرات، ثم قال: سمع الله لمن حمده واستوى قائما، ثم كبر وخر ساجدا، ثم كبر فرفع رأسه، ثم كبر فسجد، ثم كبر فانتهض قائما. فكان تكبيرة في أول ركعة ست تكبيرات. وكبر حين قام إلى الركعة الثانية. فلما قضى صلاته، أقبل إلى قومه بوجهه فقال: احفظوا تكبيري وتعلموا ركوعي وسجودي، فإنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا كذا الساعة من النهار، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى صلاته أقبل إلى الناس بوجهه فقال: «يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن الله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الانبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله، فجاء رجل من الاعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله. ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الانبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله؟ انعتهم لنا فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم لسؤال الاعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهم ناس من أفياء الناس ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الاسناد.
2- عن أبي هريرة قال: دخل رجل المسجد فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم. فرد عليه السلام وقال: «إرجع فصل فإنك لم تصل» فرجع، ففعل ذلك ثلاث مرات.
قال فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني، قال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» رواه أحمد والبخاري ومسلم.
وهذا الحديث يسمى حديث المسئ في صلاته.
هذا جملة ما ورد في صفة الصلاة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله، ونحن نفعل ذلك مع التمييز بين الفرائض والسنن.

.فرائض الصلاة:

للصلاة فرائض وأركان تتركب منها حقيقتها، حتى إذا تخلف فرض منها لا تتحقق ولا يعتد بها شرعا.
وهذا بيانها:

.1- النية:

لقول الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله. ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» رواه البخاري.
وقد تقدمت حقيقتها في الوضوء.
التلفظ بها:
قال ابن القيم في كتابه إعانة اللهفان: النية هي القصد والعزم على الشئ، ومحلها القلب لا تعلق بها باللسان أصلا، ولذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة في النية لفظ بحال، وهذه العبارات التي أحدثت عند افتتاح الطهارة والصلاة، قد جعلها الشيطان معتركا لاهل الوسواس يحبسهم عندها ويعذبهم فيها، ويوقعهم في طلب تصحيحها.
فترى أحدهم يكررها، ويجهد نفسه في التفظ، وليست من الصلاة في شئ.

.2- تكبيرة الاحرام:

لحديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه الشافعي وأحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي، وقال: هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وصححه الحاكم وابن السكن، ولما ثبت من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله، كما ورد في الحديثين المتقدمين.
ويتعين لفظ «الله أكبر» لحديث أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه ثم قال: «الله أكبر»، رواه ابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
ومثله ما أخرجه البزار بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن علي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال: «الله أكبر».
وفي حديث «المسئ في صلاته» عند الطبراني ثم يقول «الله أكبر».

.3- القيام في الفرض:

وهو واجب بالكتاب والسنة والاجماع لمن قدر عليه قال الله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}.
وعن عمر بن حصين قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعل جنب» رواه البخاري.
وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء، كما اتفقوا على استحباب تفريق القدمين أثناءه.
والمراد بالقيام القيام للصلاة.

.القيام في النفل:

أما النفل، فإنه يجوز أن يصلي من قعود مع القدرة على القيام، إلا أن ثواب القائم أتم من ثواب القاعد، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة» رواه البخاري ومسلم.
العجز عن القيام في الفرض: ومن عجز عن القيام في الفرض صل على حسب قدرته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وله أج ره كاملا غير منقوص.
فعن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم» رواه البخاري.

.4- قراءة الفاتحة:

في كل ركعة من ركعات الفروض والنفل: قد صحت الأحاديث في افتراض قراءة الفاتحة في كل ركعة، وما دامت الأحاديث في ذلك صحيحة صريحة فلا مجال للخلاف ولا موضع له ونحن نذكرها فيما يلي:
1- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، رواه الجماعة.
2- وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن - وفي رواية: بفاتحة الكتاب - فهي خداج هي خداج غير تمام» رواه أحمد والشيخان.
3- وعنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» رواه ابن خزيمة بإسناد صحيح، ورواه ابن حبان وأبو حاتم.
4- وعند الدار قطني بإسناد صحيح «لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».
5- وعن أبي سعيد «أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر» رواه أبو داود، قال الحافظ وابن سيد الناس: إسناده صحيح.
6- وفي بعض طريق حديث المسئ في صلاته: «ثم اقرأ بأم القرآن» إلى أن قال له: «ثم افعل ذلك في كل ركعة».
7- ثم الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ الفاتحة في كل ركعة من ركعات الفرض والنفل، ولم يثبت عنه خلاف ذلك، ومدار الأمر في العبادة على الاتباع.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه البخاري.

.البسملة:

اتفق العلماء على أن البسملة بعض آية في سورة النمل، واختلفوا في البسملة الواقعة في أول السور إلى ثلاثة مذاهب مشهورة.
الأول: أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة وعلى هذا فقراءتها واجبة في الفاتحة وحكمها حكم الفاتحة في السر والجهر، وأقوى دليل لهذا المذهب حديث نعيم المجمر، قال: صليت وراء أبي هريرة فقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن» الحديث وفي آخره قال: والذي نفسي بيده أني لاشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان.
قال الحافظ في الفتح: وهو أصح حديث ورد في الجهر بالبسملة.
الثاني: أنها آية مستقلة أنزلت للتيمن والفصل بين السور، وأن قراءتها في الفاتحة جائزة بل مستحبة، ولا يسن الجهر بها.
لحديث أنس قال: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم» رواه النسائي وابن حبان والطحاوي بإسناد على شرط الصحيحين.
الثالث: أنها ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها، وأن قراءتها مكروهة سرا وجهرا في الفرض دون النافلة، وهذا المذهب ليس بالقوي.
وقد جمع ابن القيم بين المذهب الأول والثاني فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر {ببسم الله الرحمن الرحيم} تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يجهر بها دائما في كل يوم وليلة خمس مرات أبدا، حضرا وسفرا، ويخفي ذلك على خلفائه الراشدين وعلى جمهور أصحابه وأهل بلده في الاعصار الفاضلة.

.من لم يحسن فرض القراءة.:

قال الخطابي: الاصل أن الصلاة لا تجزئ، إلا بقراءة فاتحة الكتاب، ومعقول أن قراءة فاتحة الكتاب على من أحسنها دون من لا يحسنها، فإذا كان المصلي لا يحسنها ويحسن غيرها من القرآن، كان عليه أن يقرأ منه قدر سبع آيات، لأن أولى الذكر بعد الفاتحة ما كان مثلها من القرآن، وإن كان ليس في وسعه أن يتعلم شيئا من القرآن، لعجز في طبعه أو سوء في حفظه، أو عجمة في لسانه. أو عاهة تعرض له، كان أولى الذكر بعد القرآن ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم، من التسبيح والتحميد والتهليل.
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضل الذكر بعد كلام الله، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» انتهى.
ويؤيد ما ذكره الخطابي من حديث رفاعة بن رافع، أن النبي صلى الله عليه وسلم علم رجلا الصلاة فقال: «إن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فأحمده وكبره وهلله ثم اركع». رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
والنسائي والبيهقي.